تقرير بلمونت (الجزء الثاني)*
مكتب السكرتير
المبادئ والمبادئ التوجيهية الأخلاقية لحماية البشر من مخاطر البحث العلمي
اللجنة الوطنية لحماية البشر من مخاطر الأبحاث الطبية الحيوية والسلوكية
18 نيسان/أبريل 1979
[...]
المبادئ الأخلاقية الأساسية
يشير تعبير "المبادئ الأخلاقية الأساسية" إلى تلك الأحكام العامة التي تعمل كمبرر أساسي للعديد من الوصفات الأخلاقية الخاصة، وتقييمات الأفعال البشرية. هناك ثلاثة مبادئ أساسية، من بين تلك المقبولة عموماً في تقاليدنا الثقافية، وثيقة الصلة، بشكل خاص، بأخلاق البحث الذي يشمل الأفراد: مبادئ احترام الأشخاص، والإحسان، والعدالة.
(1) احترام الأشخاص
احترام الأشخاص يتضمن، على الأقل، معتقدين أخلاقيين: أولاً، يجب معاملة الأفراد على أنهم فاعلون مستقلون؛ وثانياً، حق الأشخاص ذوي الاستقلالية المنقوصة في الحماية. وهكذا، ينقسم مبدأ احترام الأشخاص إلى مطلبين أخلاقيين منفصلين: شرط الاعتراف بالاستقلالية، وشرط حماية أولئك الذين انتُقصت استقلاليتهم.
الشخص المستقل هو فرد قادر على التفكير في الأهداف الشخصية والتصرف وفقاً لأفكاره. إن احترام الاستقلالية يعني إعطاء وزن للآراء والخيارات المدروسة للأشخاص المستقلين مع الامتناع عن عرقلة أفعالهم، ما لم تكن ضارة بشكل واضح بالآخرين. يتمثل إظهار عدم الاحترام للفاعل المستقل في الانتقاص من قدرة هذا الشخص على الوصول إلى قرارات مدروسة، أو حرمانه من حرية التصرف وفقاً لتلك القرارات التي توصل إليها، أو حجب المعلومات اللازمة لإصدار حكم مدروس، عندما لا توجد أسباب مقنعة للقيام بذلك.
ومع ذلك، ليس كل إنسان قادراً على تقرير المصير. تنضج القدرة على تقرير المصير خلال حياة الفرد، ويفقد بعض الأفراد هذه القدرة، كلياً أو جزئياً، بسبب المرض، أو الإعاقة العقلية، أو الظروف التي تقيد الحرية بشدة. قد يتطلب احترام غير الناضجين والمعاقين حمايتهم إلى حين نضجهم، أو أثناء عجزهم.
يحتاج بعض الأشخاص إلى حماية واسعة النطاق، إلى درجة تصل حد استبعادهم من الأنشطة التي قد تضر بهم؛ يحتاج الأشخاص الآخرون إلى القليل من الحماية عدا عن التأكد من قيامهم بالأنشطة بحرية، ومع إدراك للنتائج السلبية المحتملة. يجب أن يعتمد مدى الحماية الممنوحة على خطر التضرر واحتمالية المنفعة. ويجب، بشكل دوري، إعادة تقييم الحكم على أي فرد بأنه يفتقر إلى الاستقلالية، وسيكون الحكم مختلفاً في المواقف المختلفة.
في معظم حالات البحث التي تشمل البشر، يتطلب احترام الأشخاص أن تكون مشاركتهم في البحث طوعية وبمعلومات كافية. ومع ذلك، في بعض الحالات، لا يكون تطبيق هذا المبدأ واضحاً. إن إشراك السجناء في البحث يقدم مثالاً مفيداً. فمن ناحية، يبدو أن مبدأ احترام الأشخاص يتطلب عدم حرمان السجناء من فرصة التطوع للبحث، ومن ناحية أخرى، في ظل ظروف السجن، قد يتم إكراههم أو التأثير على إرادتهم بشكل غير ملائم للمشاركة في أنشطة بحثية لم يرغبوا في التطوع فيها. وبالتالي، إن احترام الأشخاص يقتضي حماية السجناء. إن السماح للسجناء "بالتطوع" أو "حمايتهم" يمثل معضلة. غالباً ما يكون احترام الأشخاص، في معظم الحالات الصعبة، مسألة مفاضلة بين اعتبارات متنافسة حث عليها مبدأ الاحترام نفسه.
(2) الإحسان
يتم علاج التعامل مع الأشخاص بطريقة أخلاقية، ليس فقط من خلال احترام قراراتهم وحمايتهم من الأذى، ولكن، أيضاً، من خلال بذل الجهود لتأمين رفاهيتهم. هذا التعامل يندرج تحت مبدأ الإحسان. غالباً ما يندرج تحت مصطلح "الإحسان"، الحديث عن الأعمال الحسنة أو الخيرية التي تتجاوز الالتزام الصارم. يُفهم الإحسان في هذه الوثيقة بمعنى أقوى؛ أي على أنه التزام. وبهذا المعنى، صيغت قاعدتان عامتان كتعبيرين مكملين لأعمال الخير: (1) لا تُلحق الأذى، و(2) تعظيم الفوائد المتوقعة وتقليل الأضرار المحتملة.
لطالما كان مبدأ أبقراط "درء الأذى" مبدأً أساسياً لأخلاقيات مهنة الطب. وقام كلود برنارد بتوسيعه ليشمل مجال البحث، قائلاً إنه لا ينبغي لأحد أن يؤذي شخصاً واحداً بغض النظر عن الفوائد التي قد تعود على الآخرين. ومع ذلك، إن تجنب الأذى يتطلب معرفة ما هو ضار؛ وأثناء عملية الحصول على هذه المعلومات، قد يلحق بالأشخاص ضرراً. علاوة على ذلك، يُلزم قسم أبقراط الأطباء إفادة مرضاهم "وفقاً لأفضل تقدير لديهم". إلا أنه يحدث أن يتم تعريض الأشخاص للخطر في سبيل تعلم ما هو مفيد وضروري، والإشكالية التي تطرحها هذه الضرورات هي الحاجة إلى اتخاذ القرار حول مشروعية/أخلاقية السعي وراء فوائد معينة، على الرغم من انطواء بحث ما على مخاطر، ومدى ملاءمة التخلي عن هذه الفوائد أمام المخاطر الجادة.
تؤثر التزامات الإحسان على كل من الباحثين الأفراد والمجتمع ككل، لأنها تمتد إلى مشاريع بحثية بعينها، وإلى البحث العلمي بشكل عام. في حالة مشاريع معينة، يلتزم الباحثون وأعضاء مؤسساتهم بالتدبر لتعظيم الفوائد وتقليل المخاطر التي قد تحدث من العمل البحثي. أما ما يخص البحث العلمي بشكل عام، فيتعين على أفراد المجتمع إدراك الفوائد والمخاطر على المدى الأطول، التي قد تنجم عن تنامي المعرفة وتطوير إجراءات طبية، ونفسية علاجية، واجتماعية جديدة.
غالباً ما يشغل مبدأ الإحسان دوراً مبرراً ومحدداً بشكل جيد في العديد من مجالات البحث التي تشمل البشر، فهناك، مثلاً، البحث الذي يشمل الأطفال. هذا النوع من الأبحاث، عادة ما يتم تبريره بما يمكن أن يترتب على نتائجه من ابتداع طرق فعالة لعلاج أمراض الطفولة، وتعزيز النمو الصحي، حتى وإن كان المشاركون في البحث لا تطولهم فائدة البحث بشكل مباشر. يتيح البحث، أيضاً، إمكانية تجنب الضرر الذي قد ينجم عن تطبيق الممارسات الروتينية المقبولة سابقاً، التي يتضح أنها خطيرة عند إجراء تحقيق دقيق. لكن دور مبدأ الإحسان لا يخلو دائماً من الغموض. وتبقى هناك معضلة أخلاقية صعبة، على سبيل المثال، عند نقاش الأبحاث التي تنطوي على مخاطر تفوق الحد الأدنى، بدون وجود فائدة مباشرة للأطفال المبحوثين. جادل البعض بأن مثل هذا البحث غير مقبول، بينما أشار آخرون إلى أن من شأن هذا القيد استبعاد الكثير من الأبحاث الواعدة التي تنطوي على فوائد عظيمة للأطفال في المستقبل. هنا، كما هو الحال مع جميع الحالات الصعبة، قد تتعارض الادّعاءات المختلفة التي يغطيها مبدأ الإحسان وتفرض خيارات صعبة.
(3) العدل
من الذي يجب أن ينال فوائد البحث ويتحمل أعباءه؟ هذه مسألة عدالة بمعنى "الإنصاف في التوزيع" أو "الاستحقاق". يحدث الظلم عندما يُحرم شخص ما من منفعة ما دون سبب وجيه، أو عندما تُفرض بعض الأعباء دون داع. الطريقة الأخرى لتصور مبدأ العدالة هي أنه يجب معاملة المتساوين بالتساوي. ومع ذلك، فإن هذا البيان يتطلب التوضيح. من هو المتساوي؟ ومن هو غير المتساوي؟ ما هي الاعتبارات التي تبرر الخروج عن التوزيع المتساوي؟ يقرّ جميع المعلقين تقريباً بأن الفروق القائمة على الخبرة والعمر والحرمان والكفاءة والجدارة والموقف تشكل أحياناً معايير تبرر المعاملة التفضيلية لأغراض معينة. من الضروري، إذن، شرح الجوانب التي يجب أن يُعامل بها الناس على قدم المساواة. هناك العديد من الصيغ المقبولة على نطاق واسع لطرق عادلة لتوزيع الأعباء والفوائد. تذكر كل صيغة بعض الخصائص ذات الصلة التي يجب على أساسها توزيع الأعباء والفوائد. هذه الصيغ هي: (1) لكل شخص حصة متساوية. (2) لكل شخص حسب حاجته الفردية. (3) لكل شخص وفقاً لجهده الفردي. (4) لكل شخص وفقاً لمساهمته المجتمعية. (5) لكل شخص حسب جدارته.
لطالما ارتبطت أسئلة العدالة بممارسات اجتماعية مثل العقاب، والضرائب، والتمثيل السياسي. وحتى وقت قريب، لم تكن هذه الأسئلة مرتبطة بشكل عام بالبحث العلمي. ومع ذلك، فقد تم التنبؤ بها حتى في أوائل التأملات حول أخلاق البحث الذي يتضمن البشر. على سبيل المثال، خلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، استُخدم المرضى الفقراء في أجنحة المشافي لإجراء التجارب، في حين تدفقت فوائد الرعاية الطبية المحسنة في المقام الأول إلى المرضى في العيادات الخاصة. بعد ذلك، تمت إدانة استغلال السجناء غير الراغبين في المشاركة في تجارب في معسكرات الاعتقال النازية، واعتُبر هذا الاستغلال ظلماً صارخاً بشكل خاص. وفي هذا البلد [الولايات المتحدة الأمريكية]، في أربعينيات القرن العشرين، استخدمت دراسة تسكجي حول مرض الزهري الرجال السود الريفيين الأقل حظاً لدراسة المسار غير المعالج لمرض لا يقتصر على هذه المجموعة السكانية بأي حال من الأحوال. وتم حرمان هؤلاء الأشخاص من العلاج الذي اتضحت فعاليته من أجل استمرار المشروع، واستمر ذلك إلى فترة طويلة بعد أن أصبح هذا العلاج متوفراً بشكل عام.
في ظل هذه الخلفية التاريخية، يمكن رؤية صلة مفاهيم العدالة بالبحث العلمي الذي يشمل البشر. وعلى سبيل المثال، يحتاج اختيار الموضوعات البحثية إلى التدقيق من أجل تحديد ما إذا كانت اختيار بعض الفئات (مثل المرضى المحتاجين إلى الرعاية الاجتماعية، أو أقليات عرقية وإثنية معينة، أو الأشخاص المحتجزين في مؤسسات) بشكل متكرر، لمجرد سهولة الوصول إليهم، أو بسبب وضعهم الهش، أو إمكانية استغلالهم، وليس لأسباب تتعلق بالمشكلة قيد الدراسة بشكل مباشر. أخيراً، كلما أدى البحث المدعوم بأموال عامة إلى تطوير أجهزة وإجراءات علاجية، تتطلب العدالة توفير هذه المزايا، ليس، فقط، لأولئك الذين يستطيعون تحمل تكاليفها، وأن لا يشمل البحث المؤدي إلى ذلك، بدون حاجة مبررة، أشخاصاً من مجموعات لا يحتمل أن تكون من بين المستفيدين من تطبيقات نتائج البحث.
http://bit.ly/belmont-report
هذه الترجمة تقتصر على الجزء الثاني من التقرير الذي يتشكل من ملخص وثلاثة أجزاء.